نشأة التوجيه والإرشاد:
إن التوجيه والإرشاد قديم قدم الحياة نفسها فقد كان الإنسان يطلب المساعدة والتوجيه والمشورة من أخيه الإنسان عندما تواجهه صعوبة من صعوبات الحياة أو عندما يريد اتخاذ قرار عاجل من اجل تعديل سلوكه ليصبح أكثر قدرة على التوافق مع الظروف الحياتية .
فكانت المشورة والنصيحة تاتي ذاتية تعوزها الدقة والموضوعية ولكنها كانت السبيل الإرشادي المتاح .
أما التوجيه والإرشاد كممارسة علمية ومهنية متخصصة فان أصولة تعود إلى عام (1880 م ) أو قبل ذلك استجابة للظروف الاجتماعية والاقتصادية وما يترتب عليها من مشكلات . وقد مر التوجيه والإرشاد بعدة مراحل نلخصها فيما يلي :
1. مرحلة التركيز على التوجيه المهني :
بدأت هذه المرحلة على يد فرانك بارسونز ( 1908م) حيث قام بتدريب الشباب على فهم استعداداتهم وميولهم ومساعدتهم على اختيار المهن الملائمة لهم .
ونتيجة لذلك ظهرت حركة القياس النفسي التي تهدف إلى تحليل قدرات الفرد واستعداداته وصاحب ذلك التحليل الوظيفي للمهن ومعرفة ما تحتاجه كل مهنة من إمكانات وقدرات .
2. مرحلة التركيز على التوجيه المدرسي :
ظهرت هذه المرحلة نتيجة للدعوات المتكررة التي أطلقها بارسونز بضرورة توفير التوجيه في كل مدرسة ثانوية في الولايات المتحدة الأمريكية واعتبر ذلك أساسا في العملية التربوية شريطة أن يقوم به متخصص من اجل مساعدة الطلبة على تحقيق التوافق مع النظام المدرسي وتعريفهم بالمهن المناسبة لهم واستعداداتهم التي تحقق أهدافهم المهنية والتربوية .
وامتد هذا التطور ليشمل المجالات التربوية مما أدى إلى ربط التربية والتعليم بالحياة .
3. مرحلة علم النفس الارشادي :
لقد حدث تطور في بداية الثلاثينات من هذا القرن مفاده أن التوجيه ليس عملية ميكانيكية تتمثل في مطابقة الفرد مع متطلبات المهنة وان المرشد حقيقة لا يتعامل مع مشكلات بقدر ما يتعامل مع أفراد لهم خصائص متباينة وكان هذا التغير نتيجة لظهور:
1. حركة الصحة النفسية :
التي تركز على توافق الفرد وصحته ومن اجل ذلك كان يطلب من المرشدين العمل على فهم دوافع التلميذ ومشاعره وأن يتعاملوا بحكمة مع حاجاته النفسية والاجتماعية .
2. حركة دراسة الطفل :
وقد برزت هذه الحركة في دراسات علم نفس النمو وخاصة دراسات بياجية وار يكسون وهافجهرست في مطالب النمو.
ويقصد بمطالب النمو تلك المطالب التي يجب أن يكتسبها الفرد أو يتعلمها وأن تحقيق هذه المطالب في أوقاتها يؤدي إلى عبور المراحل التالية بثقة وأمان في حين يؤدي الفشل في تحقيقها إلى اضطراب في النمو .
وعليه فان وظيفة الإرشاد هي تسهيل نمو الفرد خلال مراحل نموه وذلك بمساعدته على بلوغ وتحقيق مطالب النمو في كل مرحلة.
ونتيجة لهذه المراحل المختلفة ظهرت نظريات الإرشاد النفسي التي تبت أفكارا متباينة أحيانا ومتقاربة أحيانا أخرى في النظر إلى شخصية الفرد وفي أسباب اضطرابه وعلاجه مما أدى إلى تشعب موضوعات الإرشاد وأهدافه وتعدد مجالاته التي من ضمنها الإرشاد الطلابي . وتوضح هذه النظرة التاريخية أن جذور الإرشاد النفسي كانت في الأساس المهني الذي وضعته حركة التوجيه المهني ثم أتت حركة القياس النفسي لتقدم له الأساس العلمي لتفسير السلوك والتنبؤ به والتحكم فيه كما أمدته حركة العلاج النفسي بالأساس العلاجي وحركة دراسة الطفل بالأساس النمائي وحركة الصحة النفسية بالأساس الوقائي في التعامل مع السلوك .
محمد آل حسن
1/ث/ب